version française ilboursa

مجلس نواب الشعب ينكب على دراسة "جريمة إصدار الصك دون رصيد"

نظم مجلس نواب الشعب يوما دراسيا برلمانيا حول "جريمة إصدار الصك دون رصيد"، أشرف عليه إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، وعدد هام من النواب والضيوف من قطاعات المحاماة وعدول التنفيذ والبنوك والمؤسسات الصغرى والمتوسطة وتضمّن مداخلة حول هذا الموضوع قدّمها الأستاذ محمد الهادي الاخوة المحامي لدى محكمة التعقيب والأستاذ الجامعي المبرز

واكد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب أهمية تناول موضوع "جريمة الصك دون رصيد" الذي تمّ اختياره لافتتاح السنة التكوينية الجديدة للأكاديمية البرلمانية، مؤكّدا حساسيته واهتمام مختلف الأطراف به. وشدّد في نفس السياق على أن ما يهمّ المجلس هو دراسة القانون المتعلّق بهذا الموضوع دراسة عميقة بهدف تحقيق نتيجة تشريعية تخدم المنظومة القانونية للبلاد.

يشار الى ان مجلس نواب الشعب لم يتلق الى الان من الحكومة مشروع قانون يُنقَح ويُتمَم احكام الفصل 411 من المجلة التجارية. وألقى الأستاذ محمد الهادي الاخوة المحامي لدى التعقيب والأستاذ الجامعي المبرز، مداخلة استهلها بتساؤل" هل من إبقاء على جريمة الصك دون رصيد؟". من خلال قراءة قانونية تحليلية حول أحكام الفصل 411 من المجلة التجارية، المتعلق بهذه المسالة.

ولاحظ أنه تمّ تنقيح التشريع المتعلّق بإصدار الشيك عديد المرات خلال سنوات 1985و1996و2007، مؤكّدا أن المشرّع قدّم عديد الضمانات للتعامل بالشيك لاسيما المتعلقة بالضمان الجزائي.

كما بيّن أنّ المشرّع فضّل التعامل بالشيك على بقية السندات القانونية للدين لتحقيق ضمان خلاصه، مع تسليط عقوبات جزائية صارمة عند عدم الوصول الى النتيجة المرجوّة أي خلاص الشيك أو قسط منه.

عديد الدول الغت الصبغة الزجرية

وتساءل عن مدى نجاح المشرّع وعن إمكانية وضع حد للتجريم مع توفير ضمانات أخرى للشيك في نطاق مدني مشيرا الى أن عديد البلدان المتقدّمة ذهبت الى إلغاء الصبغة الزجرية منذ نصف قرن، مضيفا أن الوقت حان للبحث في هذه المسألة ومحاولة تقوية الضمانات في الميدان المدني بالنسبة للديون التي تخصّ الحكم في شيك لم يقع خلاصه.

وأكد في السياق ذاته أن التجريم في هذا الخصوص يتّصف بالصرامة أحيانا وبالإهمال وخرق القانون أحيانا أخرى، موضحا ان الصرامة جعلت معاقبة الجاني تكاد تكون آلية عند معاينة توفّر أركان الجريمة.

واعتبر أن المحاكم في بعض القضايا انحرفت في مفهوم الشيك دون رصيد وشروط صحته بتعلّة استقلال الميدان الجزائي عن المدني، فكل ميدان له تعريف لهذ السند، لافتا الى أنّ مظاهر التشدّد في العقوبة الزجرية يمكن أن يعتريها نوع من التراجع بمجرّد معاينة المحاكم لخلاص المؤونة والمصاريف أو تأمينها حتى خارج نطاق التسوية القانونية.

وأوضح أن الصرامة تشوبها بعض الثغرات تصل الى خرق القانون والحكم ببطلان الإجراءات شعورا من المحاكم بقساوة العقوبة في مثل هذه الجرائم الاقتصادية علاوة على أن تتبع الجريمة يكون من الصعب أخلاقيا في بعض الأحيان ونتيجة لذلك يسقط حكم هذه الجريمة وهو ما أدّى الى تكاثر صكوك الضمان ما يتعارض مع الطبيعة القانونية للشيك.

انحراف بطبيعة الشيك

وأكّد  في ذات السياق معاينة انحراف بطبيعة الشيك من أداة خلاص الى أداة قرض وضمان، بما انجر عنه اكتظاظ المحاكم والسجون وان كل المحاكم الابتدائية خصّصت لها دوائر لا تنظر الا في قضايا الشيك بدون رصيد، داعيا الى أهمية التخلّص من هذا الاكتظاظ القضائي واكتظاظ السجون الذي يكلف الدولة أموالا باهضه. واختتم الأستاذ محمد الهادي الأخوة مداخلته بدعوة جميع الأطراف المتدخلة الى التفكير في الغاء العقوبة السجنية في حال عدم الخلاص وتعويضها بعقوبات أخرى.

مقترحات

واقترح محمد الهادي الاخوة في نطاق التضامن وعلاوة على ما ورد من قواعد طبقا للفصل 390 وما بعده من المجلة التجارية تضامن كل الممضين عن الشيك مع الذات المعنوية في خلاص معلومه باعتبار ان كثيرا ما يختفي الشخص الحسي وراء الذات المعنوية.

كما اقترح في نطاق سقوط الدعوى بمرور الزمن إمكانية نزع السقوط عن الدعوى المدنية في مادة الشيك حتى يبقى لهذا السند امتيازا خاصا وفريدا بالنسبة لكل السندات الأخرى. أما في مسألة سقوط تنفيذ الحكم بمرور الزمن، فقد دعا الى عدم سقوط تنفيذ الحكم أو الامر بالدفع حتى بعد مرور 20 سنة ليبقى سيفا مدنيا مشهورا على المدين ويحرمه من اكتساب أي ملك الى حد خلاص ما تخلّد بذمته.

كما اقترح في نطاق الدعوى البليانية تمكين الدائن من تتبع دينه على أملاك المدين حتى وإن فرّط فيها، مبيّنا أن الهدف من هذا الاجراء هو اثبات التواطؤ بين المحيل والمحال عليه.

وخلص الى أن تطبيق هذه الطريقة يمكن أن يقلّص من نفقات الدولة وإهدار الأموال في القضاء وفي السجون. واعتبر ان بعض المقترحات الإصلاحية لن ترضي المتمعّشين من جريمة إصدار الصك دون رصيد، مؤكّدا أن المصلحة الاجتماعية والاقتصادية تقتضي ذلك.

تحميل البنوك المسؤولية

ودعا النواب الى مراجعة منظومة التقاضي، الى جانب التفكير في إعطاء المنظومة المدنيّة النجاعة اللّازمة، موجهين عديد الانتقادات للبنوك مع تحميلها المسؤوليّة من حيث التثبّت قبل اسناد دفاتر الصكوك وضرورة القيام بالمتابعة اللّازمة.

كما تمّ انتقاد الشروط المجحفة التي تفرضها البنوك على أصحاب المؤسّسات الصغرى والمتوسطة من حيث إسناد القروض والتسهيلات المالية، مع الحث على مراجعة شروط ومعايير اسنادها للتصدّي للوسائل الموازية.

ودعوا من جهة أخرى الى ضرورة تفعيل الشيك كوسيلة دفع حينيّة مع التفكير في وسائل بديلة على غرار تطبيقة تمكّن المستفيد من التثبّت من توفّر المبلغ موضوع الشيك، مستندين في ذلك الى بعض التجارب المقارنة.

م.ز

تم النشر في 21/09/2023